من أروع ما قرأت في الإجابة على هذا السؤال إجابة الرابي سعديا جأون الفيومي (متوفى في القرن الـ10م) إذ يقول في تفسير التكوين:
إن قتل هابيل وقتل جميع المظلومين وبخاصة الأنبياء إنما يستعظم لو كان الخالق لم يخلق إلا دار الدنيا فقط ومع ذاك غير قادر على إحياء الموتى فكان يكون حينئذ كل من مات قد هلك وتنقضي أمره وكل من لم ومات فقد فاز بظلمه قبل موته وتخلص من مقابله على فعله. ولكن لما أوجب الخالق خلق دار الآخرة معدة لتعويض المظلومين وعذاب الظالمين صار الدارين جميعها مقام يومين متواليين يتمم الثاني منهما ما بقي من واجبات اليوم الأول فلا يفرح من ظلم في اليوم الأول فإنه سيقتص منه في غده بمقدار استحقاقه ولا يغتم المظلوم في اليوم الأول فإنه سيعوض في غده مقدار ما يستحق. وأما بينهما التقديم والتأخير فقط. ولهذه العلة لا يقبض يد الظالم على المظلوم في اليوم الأول إذ قد أوجب يجازيهما في اليوم الثاني وإن هما ماتا أعادهما ... فقد تبين أن ضجر النفوس من ظلم الظالمين للصالحين في دار الدنيا إنما هو من ضعف اليقين بدار الآخرة.
إن قتل هابيل وقتل جميع المظلومين وبخاصة الأنبياء إنما يستعظم لو كان الخالق لم يخلق إلا دار الدنيا فقط ومع ذاك غير قادر على إحياء الموتى فكان يكون حينئذ كل من مات قد هلك وتنقضي أمره وكل من لم ومات فقد فاز بظلمه قبل موته وتخلص من مقابله على فعله. ولكن لما أوجب الخالق خلق دار الآخرة معدة لتعويض المظلومين وعذاب الظالمين صار الدارين جميعها مقام يومين متواليين يتمم الثاني منهما ما بقي من واجبات اليوم الأول فلا يفرح من ظلم في اليوم الأول فإنه سيقتص منه في غده بمقدار استحقاقه ولا يغتم المظلوم في اليوم الأول فإنه سيعوض في غده مقدار ما يستحق. وأما بينهما التقديم والتأخير فقط. ولهذه العلة لا يقبض يد الظالم على المظلوم في اليوم الأول إذ قد أوجب يجازيهما في اليوم الثاني وإن هما ماتا أعادهما ... فقد تبين أن ضجر النفوس من ظلم الظالمين للصالحين في دار الدنيا إنما هو من ضعف اليقين بدار الآخرة.