بسم الله الرحمن الرحيم
بعض الأسئلة التي أعجزت أخرستوس أنيستي في مناظرة الملك الرضيع.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
عُقدت يوم الخميس الماضي مناظرة بين وان أور ثري (أحمد سبيع) والشماس أخرستوس أنيستي حول نص صموئيل الأول 13: 1، وكالعادة لا يخلو الأمر من تطبيل المطبلين، وزغاريد النساوين.
ولم يحاول أحدٌ من هؤلاء المطبلين الإجابة عن أحد الأسئلة التي أعجزت الشماس في المناظرة، اللهم إلا واحد منهم؛ وفعلها على استحياء!
أما الأسئلة فهي في الصميم؛ وهي كالآتي:
1- لماذا ترجمت كلمة بملخو في كل المرات التي أتت فيها إلى حين ملك، ما عدا صموئيل الأول 13: 1 ترجمت فيه إلى في ملكه؛ مع إن كل هذه النصوص لها نفس السياق والأسلوب؟!
والنصوص هي:
(الفانديك)(أخبار الأيام الثانية)(Chr2-12-13)(. فتشدد الملك رحبعام في اورشليم وملك لان رحبعام كان ابن احدى واربعين سنة حين ملك وملك سبع عشر سنة في اورشليم المدينة التي اختارها الرب ليضع اسمه فيها دون جميع اسباط اسرائيل.واسم امه نعمة العمونية.)
(الفانديك)(أخبار الأيام الثانية)(Chr2-33-21)(. كان آمون ابن اثنتين وعشرين سنة حين ملك وملك سنتين في اورشليم.)
(الفانديك)(الملوك الثاني)(Kgs2-21-19)(. كان آمون ابن اثنتين وعشرين سنة حين ملك وملك سنتين في اورشليم.واسم امه مشلّمة بنت حاروص من يطبة.)
(الفانديك)(أخبار الأيام الثانية)(Chr2-36-11)(. كان صدقيا ابن احدى وعشرين سنة حين ملك وملك احدى عشر سنة في اورشليم.)
(الفانديك)(الملوك الأول)(Kgs1-14-21)(. واما رحبعام بن سليمان فملك في يهوذا.وكان رحبعام ابن احدى واربعين سنة حين ملك وملك سبع عشرة سنة في اورشليم المدينة التي اختارها الرب لوضع اسمه فيها من جميع اسباط اسرائيل.واسم امه نعمة العمونية.)
(الفانديك)(الملوك الثاني)(Kgs2-23-31)(. وكان يهوآحاز ابن ثلاث وعشرين سنة حين ملك وملك ثلاثة اشهر في اورشليم واسم امه حموطل بنت ارميا من لبنة.)
(الفانديك)(أخبار الأيام الثانية)(Chr2-20-31)(. وملك يهوشافاط على يهوذا.كان ابن خمس وثلاثين سنة حين ملك وملك خمس وعشرين سنة في اورشليم واسم امه عزوبة بنت شلحي.)
(الفانديك)(أخبار الأيام الثانية)(Chr2-21-20)(كان ابن اثنتين وثلاثين سنة حين ملك وملك ثماني سنين في اورشليم وذهب غير مأسوف عليه ودفنوه في مدينة داود ولكن ليس في قبور الملوك)
(الفانديك)(الملوك الثاني)(Kgs2-8-17)(كان ابن اثنتين وثلاثين سنة حين ملك وملك ثماني سنين في اورشليم.)
(الفانديك)(الملوك الثاني)(Kgs2-18-2)(كان ابن خمس وعشرين سنة حين ملك وملك تسعا وعشرين سنة في اورشليم.واسم امه أبي ابنة زكريا.)
(الفانديك)(الملوك الثاني)(Kgs2-15-33)(كان ابن خمس وعشرين سنة حين ملك وملك ست عشرة سنة في اورشليم واسم امه يروشا ابنة صادوق.)
(الفانديك)(الملوك الثاني)(Kgs2-14-2)(كان ابن خمس وعشرين سنة حين ملك.وملك تسعا وعشرين سنة في اورشليم.واسم امه يهوعدّان من اورشليم.)
(الفانديك)(أخبار الأيام الثانية)(Chr2-27-8)(كان ابن خمسة وعشرين سنة حين ملك وملك ست عشرة سنة في اورشليم.)
(الفانديك)(الملوك الثاني)(Kgs2-15-2)(كان ابن ست عشرة سنة حين ملك وملك اثنتين وخمسين سنة في اورشليم.واسم امه يكليا من اورشليم.)
(الفانديك)(أخبار الأيام الثانية)(Chr2-28-1)(كان آحاز ابن عشرين سنة حين ملك وملك ست عشرة سنة في اورشليم ولم يفعل المستقيم في عيني الرب كداود ابيه.)
(الفانديك)(الملوك الثاني)(Kgs2-16-2)(كان آحاز ابن عشرين سنة حين ملك.وملك ست عشرة سنة في اورشليم.ولم يعمل المستقيم في عيني الرب الهه كداود ابيه)
(الفانديك)(صموئيل الثاني)(Sm2-5-4)(كان داود ابن ثلاثين سنة حين ملك وملك اربعين سنة.)
كل هذه النصوص وغيرها الكثير أتت فيها كلمة بملخو בְּמָלְכוֹ العبرية وترجمت إلى حين ملك وغيرها الكثير ...
نفس الكلمة أتت في نص صموئيل الأول 13: 1 موضع المناظرة وترجمت في نفس الترجمة إلى في ملكه!
(الفانديك)(صموئيل الأول)(Sm1-13-1)(كان شاول ابن سنة في ملكه وملك سنتين على إسرائيل.)
جدير بالذكر أن كلمة بملخوتو العبرية בְּמַלְכוּתוֹ هي التي تترجم إلى في ملكه؛ كما في نص:
(الفانديك)(أخبار الأيام الثانية)(Chr2-29-19)(وجميع الآنية التي طرحها الملك آحاز في ملكه بخيانته قد هيّأناها وقدسناها وها هي امام مذبح الرب)
والسؤال الذي أعجز المتناظر النصراني: هل شعر المترجمون بمشكلة في النص المترجَم عنه، دفعتهم إلى تحريف ترجمته؟!
هل ترجمة الفاندايك تحرف الترجمة على هواها؟!
2- لماذا النص لا يوجد في أغلب مخطوطات الترجمة السبعينية؟
هل شعر المترجمون بمشكلة في النص فحذفوه؟ قال أثيناغوراس: نعم النص غير موجود في أغلب المخطوطات السبعينية لأنها رأوا أن به مشكلة!
وكانت هذه هي المرة الوحيدة التي حاول فيها أحدهم إسعاف الشماس أخرستوس بالإجابة عن أحد الأسئلة التي أعجزته!
3- لماذا قالت بعض مخطوطات الترجمة السبعينية أن شاول ملك وعمره ثلاثين؟! في حين تقول أخرى أنه ملك وعمره سنة واحدة؟!
4- هل عند الشماس أخرستوس دليل واحد يقول أن شاول حكم بعد مسحه بسنة تحديداً؟
5- هل قال عالم واحد من العلماء أننا لا نلجأ لعلم النقد النصي لنص من نصوص العهد القديم إلا في حالة وجود قراءات عبرية مختلفة؟!
وهذه النقطة بالتحديد تكشف لنا عن جهل الزميل النصراني بأسس علم النقد النصي للعهد القديم، لماذا؟!
لأن بداية نقد أحد نصوص العهد القديم تبدأ من النص ذاته؛ حيث يقول الدكتور بول ويجنر الذي استدل به الشماس في المناظرة:
The first step in Old Testament textual criticism is to determine where errors appear in the text, but this is not always easy because some errors may read quite smoothly.
Wegner, P. D. (2006). A student's guide to textual criticism of the Bible : Its history, methods & results (121). Downers Grove, Ill.: InterVarsity Press.
الترجمة:
الخطوة الأولى في النقد النصي للعهد القديم تكون حيث يظهر في النص مشكلة، لكن هذا لا يكون سهل عادة حيث بعض الأخطاء يمكن تقرأ بسلاسة!
ويقول الدكتور بروتزمان:
Old Testament text criticism deals principally with perceived textual difficulties. Concerning this latter point, James Barr states:
The reader finds “a difficulty” in the text which he is reading. He feels that it “does not make sense.” The grammar is “wrong,” i.e. does not fit with usual patterns of usage. The use of words is anomalous. Or perhaps the text contradicts what is said elsewhere in the same literary work.… These are simple examples of what is a“difficulty.”
Brotzman, E. R. (1994). Old Testament textual criticism : A practical introduction (123). Grand Rapids, Mich.: Baker Books.
الترجمة:
النقد النصي للعهد القديم يتعامل أساساً مع صعوبات نصية متصورة، فيقول جيمس بار عن النقطة الأخيرة:
يجد القارئ في النص الذي يقرأه صعوبة، حيث يشعر أن النص لا يعطي معنى صحيحياً، أو القواعد خطأ، أو يختلف الأسلوب عن نصوص أخرى، أو استخدام الكلمات، أو ربنا يكون النص معارضاً لنص آخر ... هذه بعض الأمثلة للصعوبات.
هذا كلام العلماء المتخصصين؛ ويقررون فيه من أين نبدأ النقد النصي للعهد القديم؟، وتقريرهم بكل وضوح أن بداية نقد أحد النصوص يكون بعد شعور القارئ أن معنى النص غير صحيح، أو أن أسلوب النص مختلف، أو قواعد النص غير سليمة، كل هذه الأشياء تدفع الباحث إلى دراسة النص دراسة نصية، أي إننا لا نبدأ نقد أحد نصوص العهد القديم من وجود قراءات مختلفة للنص.
لذا يجب على الباحث أن يفرق جيداً بين نقد العهد القديم ونقد العهد الجديد، حيث اختلاف البداية، وكذلك اختلاف الهدف؛ فنقد العهد القديم يبدأ غالباً من خلال وجود صعوبة في النص، بينما نقد العهد الجديد يختلف عن ذلك، وهو ما يجهله الزميل النصراني، حيث ركز على حتمية وجود قراءات مختلفة قبل نقد النص.
قد يقفز إلى ذهنك سؤال، لماذا نبدأ من وجود صعوبة في النص؟!
والإجابة تتضح إذا علمت أن نص العهد القديم العبري هو نص موحد، لا يوجد به قراءات مختلفة، حيث كتب الماسوريون نصاً عبرياً موحداً، وتخلصوا من كل المخطوطات القديمة كما قال الدكتور القس صموئيل يوسف:
كل هذه الأسئلة، وغيرها، لم نجد لها إجابة في المناظرة، وهي ما زالت تطرح نفسها، فهل من مجيب؟!