بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كالعادة مع إحدى مشاكل الكتاب المقدس النصية التي لا تنتهي ، وكالعادة أيضاً مع بيان نوع من التحريف الذي مازال خفياً عن أعين من يتغنون بعصمة الكتاب المقدس وسلامته من التحريف .
الموضوع بسيط .... لا يوجد فيه غموض ولا لبس ... أشبه بهذه الصيغة المشهورة
1+1= 2
الموضوع بإختصار يتحدث عن مدى العبث البشري التي لحقت بـ " الكتاب المقدس " وما أدخله " القائمون عليه " على " الوحي الإلهي " .
ستة مقاطع طوال تُضاف من قبل مجهول على كلام الوحي الإلهي – كما يؤمنون – الذي كتبه مجهول في الأساس !!!
مواقع هذه الإضافات أو التحريفات كالآتي :
قبل بداية الأصحاح الأول
بعد 3 : 13
بعد 4 : 17
قبل بداية الأصحاح الخامس
بعد 8 : 12
بعد 10 : 3 [1]
يقول دايفد هاورد في المدخل لأسفار الكتاب المقدس التاريخية :
The most striking aspect of the Septuagint versions, however, is the presence of six substantial additions to the Hebrew text. The Hebrew text is 167 verses long; the Greek adds 107 verses to these . [2]
الترجمة :
الجانب الأكثر لفتاً في نسخ السبعينية هو وجود ستة إضافات جوهرية على النص العبري ، النص العبري مكون من 167 فقرة طويلة ، والسبعينية تضيف عليهم 107 فقرة .
ويقول لويس باتون بعد نقاش طويل حول هذه الإضافات :
For these reasons the long additions of the Greek must be regarded as late
interpolations that never stood in the Book of Esther or in any of its Heb. or
الترجمة :
لهذه الأسباب ، يجب إعتبار الإضافات اليونانية الطويلة إضافات متأخرة إذ أنها لا توجد في أي مصدر عبراني أو آرامي لسفر استير .
وفق ما سبق ؛ من دون أي تردد سنجد هذا السؤال يطرق أذهاننا :
لماذا هذا التحريف
النص العبري لسفر استير نص يغيب عنه الحضور الديني فلم يذكر فيه إسم الله أو حتى أي إشارة لعبادته ؛ فلذلك قام كاتب هذه الإضافات بوضعها لإضافة هذه المسحة على هذا السفر .
وكأن هذا الأمر فات على الروح القدس ، فرأى الكاتب أن يكمل ما لم يتمه الروح القدس !!!
يقول لويس باتون :
The main reason for them was the desire to supply the religious element that is so conspicuously absent from the Hebrew edition.[4]
الترجمة :
السبب الرئيسي لهم هو رغبتهم في تدعيم الناحية الدينية الغائبة عن النص العبري .
ويضيف دافيد هاورد :
The additions are universally judged to be later, and of little or no historical value. Their agenda is to give a religious slant to the book. They make frequent reference to God, they emphasize His choice of Abraham and
منهجهم – النساخ – هو إعطاء مسحة دينية ، فجعلو إشارات متكررة للرب ، ويؤكدون على إختياره لإبراهيم وإسرائيل ، وعلى الصلاة والعبادة ، وكل الأشياء التي لم يفعلها سفر إستير .
منهجة التحريف :
بعد كل هذا التحريف السافر الواضح وضوح الشمس ، كان من المفترض أن نجد من خدام الكلمة دفاعاً عن كلام الرب ودفع أي كلام لشخص آخر يضاف إليه .
ولكن العكس هو ما حدث مع هذه الحالة ، ويأتي القديس جيروم مترجم الفولجات ليري هذا التحريف ويقره ، بل والأنكى من ذلك ان يقوم بمنهجة هذا التحريف في تصرف لا معنى له كما يقول المسيحيين أنفسهم وكأنه يوافق على أن الوحي الإلهي قد افتقد الناحية الدينية هنا ووجب إكمالها بما يوحيه القلم البشري :
There are 107 new verses not found in the Heb. Jerome in the Vulgate Lat. version translated the longer additions, but removed them from the body of the book and placed them at the end because they were not found in the Heb. This senseless arrangement is perpetuated in the English AV. and RV.[6]
الترجمة :
هناك 107 فقرة غير موجودة في النص العبري ، قام جيروم بترجمة هذه الإضافات في الفولجات ، ولكنه أزالهم من داخل السفر ووضعهم في نهايته لأنهم غير موجودين في النص العبري ، هذا الترتيب الذي لا معنى له موجود في ترجمات إنجليزية مثل "
AV , RV
ونختم بكلام دائرة المعارف الكتابية :
تحوي الترجمة السبعينية - التي بين أيدينا الآن - إضافات كثيرة إلى النص الأصلي . ومع أن القديس جيروم قد تمسك بالنص العـــبري في ترجمته ، إلا أنه وضع تلك الإضافات في نهاية السفر وتبلغ هذه الإضافات نحو سبعة فصول ، غير أنها لا تستحق الدراسة الفاحصة . وقد قدر تاريخ هذه الإضافات بأنها تعود إلى عام 100 ق . م ، وبذلك تكون قيمتها الوحيدة هي أنها الدليل على قـــدم هذا السفر .
لقد توقف الفكر اليهودي طويلاً في حيرة بالغة ، أمام غياب اسم " الله " من هذا السفر ، وكذلك عدم وجود أي إشارة إلى عبادة الله الحي . لذلك عالجت هذه الإضافات اليونانية هذه الأمور ........ يحتوي سفر أستير ، في أقدم المخطوطات للترجمة السبعينية 107 أعداد مضافة إلى النص العبري . وهذه الإضافات متناثرة في كل أرجاء السفر حيث أنها أضيفت أساساً لتضفي على السفر الصبغة الدينية التي تنقصه في نصه العبري . وفي ترجمة القديس جيروم ، كما في الترجمة اللاتينية الشعبية المعروفة باسم الفولجاتا ، استخرجت أهم وأطول تلك الإضافات من أماكنها وجمعت معاً ووضعت في نهاية السفر القانوني ، وبذلك صارت هذه الإضافات غامضة مبهمة . وفي الترجمات الانجليزية والويلزية وغيرها من الترجمات البروتستنتية تظهر جميع هذه الإضافات في قسم الأبوكريفا
.
تاريخ هذه الإضافات : يتفق جميع العلماء في العصر الحديث على أن " بقية سفر أستير " كتبت بعد كتابة السفر القانوني بعشرات السنين ، ولعلنا لا نخطيء إذا رجعنا بتاريــــــخ كتابة " بقية سفر أستير " إلى عام 100 ق . م . فإنه لمن الجلي ، أننا ندين بتلك الإضافات لأحد الغيورين من اليهود أراد أن يضفي على السفر مسحة دينية ، فقد اتحد يوحنا هيركانوس في سنواته الأخيرة ( 135 - 103 ق . م ) مع جماعة الصدوقيين أو العقلانيين ، بعد أن ترك جماعة الفريسيين الأرثوذكسيين الذين كان ينتمي إلهم المكابيون حتى ذلك الوقت ، لهذا فلعلنا ندين بهذه الإضافات للغيرة والحماسة اللتين تأججتا بين اليهود الأرثوذكسيين من جراء النزعة العقلانية التي تزايدت في تلك الأيام .
ويرجح د . هـ . تشارلز - في دائرة المعارف البريطانية - أن تاريخ كتابة هذه الإضافات يعود إلى صدر العصر المكابي ! ! [7]
[1] Tov, Emanuel: The Parallel Aligned Hebrew-Aramaic and Greek Texts of Jewish Scripture. Bellingham, S. Es.
[2] Howard, David M., Jr: An Introduction to the Old Testament Historical Books.
[3] Paton, Lewis : A Critical and Exegetical Commentary on the Book of Ester.
[4] السابق
[5]Howard, David M., Jr: An Introduction to the Old Testament Historical Books.
[6]Paton, Lewis Bayles: A Critical and Exegetical Commentary on the Book of Esther.
[7] دائرة المعارف الكتابية - أستير