السبت، 13 يونيو 2020

تاريخ الإنتقال النصي للعهد القديم | 2

بسم الله الرحمن الرحيم

سلسله جديده بعنوان " تاريخ الإنتقال النصي للعهد القديم " نتحدث فيها بطريقه موجزه عن تاريخ إنتقال العهد القديم كعمل نصي عبر القرون ومراحل كتابته وتدوينه وضبطه

نستكمل في هذه الحلقه ان شاء الله التطور التاريخي لنص العهد القديم بعد المرحله الاولي التي عرضناها في الحلقه السابقه هنا


 


المرحلة الثانية 300 قبل الميلاد : 135 ميلاديا

ظهرت في هذه الفترة طائفة تسمي السوفريم סופרים  اي الكتبة، ولقد سموا بهذا الإسم لأنهم اشتهروا بعمل حكى عنه اليهود وهو عد وإحصاء كل حروف التوراة حرف حرف كما يقول التلمود
   
לפיכך נקראו ראשונים סופרים שהיו סופרים כל האותיות שבתור
 [1]

الترجمه: ولذلك دعي الكتبه الأوائل " سوفريم " وذلك لانهم قد احصوا التوراة حرف حرف

الشاهد الاكبر والمرجع الاكبر الذي يحتل الصدارة في هذه المرحلة هو مخطوطات قمران، وهو عبارة عن رقع صغيرة ولم تضم كتاب كامل للعهد القديم الا انها قد وضعت تأريخ لهذه المرحلة من عملية الانتقال النصي للعهد القديم لان هذه المخطوطات تعود للفترة ما بين القرن الثالث والاول قبل الميلاد والغالبية العظمي فيها يرجع للقرن الثاني والاول، وهي كما ذكرنا انها عبارة عن قصاصات تحتوي على بعض النصوص من الاسفار بإستثناء سفر استير والذي لم يعثر اي حرف له في مخطوطات قمران

والميزة الاساسية لمخطوطات قمران انها برهنت على وجود عدة عائلات او مجموعات مختلفة للعهد القديم، فبعض المخطوطات قريبة بالمقارنة من النص الذي اصبح يطلق عليه مؤخرا بالنص الماسوري، وبعضها مشابه للتقليد النصي للترجمة السبعينية، وبعضها هو الاخر مشابه للتقليد النصي للتوراة السامرية[2] وبعض المخطوطات الاخري كمخطوطات ادي المربعات جنوب قمران ويعود زمن هذه المخطوطات الي فترة تمرد بار كوخبا  [3] عام 135 م.

وتعدد العائلات النصية المختلفة كان واضحاً حتي زمن قمران عند اليهود العبرانيين وطائفة السوفريم ومعلمي الهيكل؛ الي ان تم استبدالها بنص موحد له الموثوقية عند معلمين الهيكل وذلك في عام 135 على اكثر تقدير وهو النص الذي استند عليه النص الماسوري بعد ذلك وهو ما يعرف بالـ proto masoretic text .

وفي خلال هذه الفترة ظهر نوعين من النشاط على شكل نص العهد القديم وهم :

          العنايه بالنص*


* تنقيح النص

أولاً العناية بالنص : ان المخطوطات العبرية التي كتبت في الفترة ما قبل القرن الأول ميلادياً أظهرت إتجاهين من جانب الكتبة والنساخ.


أولهما : الاهتمام بالمحافظة على دقة النص .


والثاني : وهي تنقيح النص.


 ويقول paul wegner  عن جزئية المحافظة على دقة النص:


 وواحد من أفضل الأمثلة على الاهتمام بالمحافظة على دقة النص ما هو في التقليد الكتابي الموجود في مخطوطات قمران، وهي تطابق صورة النص ما قبل الماسوري المعروف بـ proto masoretic text وهي التي تحتوي وتمثل غالبية المخطوطات المكتشفة وينقل عن طوف Tov ان هذه النسبة الكبيرة تقدر بـ 35 % !!

وعينة المخطوطات حتي القرن العاشر الميلادي قريبة جدا من هذا التقليد ومن هذه الصورة.


ويظهر هنا في كلام فيجنر محاولة التجميل وتحسين صورة العهد القديم وإظهار وحدته وتماسكه وإنتقاله بصورة متماثلة أو على أقل التقدير أنه نص تم اعتماده بناءاً على نص سابق له مماثل في الشكل اللهم سوي بعض التعديلات الصغيرة التي حدثت بعد ذلك عليه لضبطه دون تأثير على محتواه أو تنقيح بدرجة مؤثرة .

فهذا الكلام محل نظر شديد وتناوله الباحث Ian Young [4]  من جامعة سيدني بالنقض الشديد وتعقب إيمانويل طوف في كلامه هذا فقال :






الترجمة : ومن أمثله التغيير الكبير – يقصد في الفرق بين الطبعة الأولى والثانية لكتاب طوف – يعتبر طوف في صفحة 115 ان فقط 35% من نصوص قمران تبع النص ما قبل النص الماسوري، في مقابل 60% بحسب ما جاء في الطبعة الأولي من كتابه، وفي ضوء هذه النتيجة القاسية انه من الجدير بالذكر السؤال ما هو المعيار الذي استخدمه طوف لتقرير ان مخطوطات قمران قريبة ومشابهة للنص ما قبل الماسوري والذي اعتمد عليه النص الماسوري بعد ذلك ؟



انا لا اجد اي اجابة على هذه السؤال في صفحات كتابه.

نسبة صغيرة والاقلية من بين مخطوطات قمران تقريبا مطابقة للنص الماسوري، بالكاد 35% وبذلك يكون هناك تضليل حينما نقول ان هذه الكتب تماثل النص ما قبل الماسوري الموجود في متسادا او وادي المربعات، وفي نفس الوقت كما هو الحال لباقي مخطوطات قمران فهناك الكثير من الاختلافات بينها وبين النص الماسوري.

قلت : لذلك تبقي المحفاظة على دقة النص لا تعدو عن كونها حركة شكلية أو اسمية فقط، لا تعدو عن مثيلتها التي أشتهرت بوجود طهارة النساخ عند نسخ المخطوطات، فلم تمنعهم طهارتهم من التلاعب في المخطوطات وإدخال على النص المقدس ما ليس فيه.



اما الاتجاه الثاني وهو تنقيح النص : فإن الكتبة والنساخ قد إعتمدوا في ذلك على الأقل ثلاثة طرق :

الاولي : التحول من الخط العبري القديم paleo hebrew الي الخط المربع.

الثاني : ضبط قواعد الإملاء وعلامات الهجاء للنص

الثالث : احداث تصويبات وتصحيح الأخطاء في المخطوطات كما هو الحال في مخطوطات قمران ومثال على ذلك المخطوطة 1QIsa .

وبشكل العام فإنه كان في فترة القرن الخامس قبل الميلاد كان يوجد هناك عائلتان نصيتان بدأت في التطور في فلسطين وفي بابل ابان فترة السبي البابلي لليهود، وفي بداية القرن الرابع قبل الميلاد بدأ في الظهور عائلة النصوص المصرية ثم جاء القرن الثالث والثاني قبل الميلاد وظهرت الترجمة السبعينية اليونانية للعهد القديم  .

ومن ثم فإن عائلة النصوص والمخطوطات البابلية عادت لفلسطين بعد فترة السبي – فترة عزرا الكاهن – في بداية عصر المكابيين، وفي غضون القرن الاول قبل الميلاد او القرن الأول ميلاديا أصبحت عائلة النصوص البابلية هي النسخة المعتمدة لدي للأسفار الخمسة والأنبياء الكبار عند النساخ والكتبة ، واصبحت تحل محل العائلات النصية الأخرى والتي اصبحت بعد ذلك النص القياسي للعهد القديم المسمى بالنص الماسوري Masoretic Text .[6]






 
________________________________________________

[1]
תלמוד בבלי - מסכת קידושין - הכול - דף ל,א גמרא
كتاب النساء – باب الخطبة – الورقة الثلاثون – العمود الأول

[2]
  Brotzman, E. R. (1994). Old Testament textual criticism : A practical introduction (43). Grand Rapids, Mich.: Baker 
 Books

[3]
هو التمرد ثالث حدث بواسطة اليهود على الرومان بقيادة شمعون بار كوخبا
[4]

[1] Ian Young, review of Emanuel Tov, Textual Criticism of the Hebrew Bible, Review of Biblical Literature [http://www.bookreviews.org] (2003).



[5]
Cross sketches the probable development of these manuscript families in the following way. Sometime in the fifth century B.C. two local texts began to develop independently in Palestine and Babylon. In the early fourth century B.C. the Egyptian family broke off from the Old Palestinian text and began its own independent development. The Egyptian text served as the Vorlage for the translation of the Septuagint in the third to second centuries B.C. The Palestinian family was reflected in the Samaritan Pentateuch. The Babylonian manuscript type may have come back into Palestine as early as Maccabean times. By the first century B.C. or the early first century A.D. it became accepted as the official form of the Pentateuch and the Former Prophets within Jewish scribal circles. It was apparently not available in the case of the Latter Prophets, so the Palestinian text type was adopted for these books. This accepted standard text replaced the other families, except as they were reflected in the Septuagint and the Samaritan Pentateuch, and would later be called the Masoretic Text.
إقرأ المزيد Résumé bloggeradsenseo