قراءة جديدة لتثنية 18: 15
من وسطك من إخوتك؟!
هذا النص من النصوص المشهورة التي يتداولها النصارى لدفع ورد كلام المسلمين فيما يخص النص الأشهر تثنية 18: 18 الذي يعتقد كثير من الباحثين المسلمين أنه نبوءة عن النبي محمد باقية في كتب اليهود إلى اليوم.
لكن هذا النص حينما نعرضه على علم النقد النصي فلن يكشف سوى التحريف كالمعتاد!!
النص في ترجمة الفاندايك:
يُقِيمُ لَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَبِيًّا مِنْ وَسَطِكَ مِنْ إِخْوَتِكَ مِثْلِي. لَهُ تَسْمَعُونَ.
النص في الشواهد النصية المختلفة:
النص الماسوري:
נביא מקרבך מאחיך כמני יקים לך יהוה אלהיך אליו תשמעון
وترجمته حرفياً:
نبياً من وسطك من إخوتك مثلي يقيم لك يهوه إلهك إليه تسمعون.
التوراة السامرية:
נביא מקרב אחיך כמני יקים לך יהוה אלהיך אליו תשמעון
وترجمته حرفياً:
نبياً من وسط إخوتك مثلي يقيم لك يهوه إلهك إليه تسمعون.
الترجمة السبعينية:
προφήτην ἐκ τω̂ν ἀδελφω̂ν σου ὡς ἐμὲ ἀναστήσει σοι κύριος ὁ θεός σου, αὐτου̂ ἀκούσεσθε
ترجمة برنتون الإنجليزية للسبعينية:
The Lord thy God shall raise up to thee a prophet of thy brethren, like me; him shall ye hear[1]
وترجمته:
يقيم لك الرب إلهك نبياً من إخوتك مثلي، له تسمعون.
الترجوم:
... من بينك من إخوتك ...
الفولجاتا اللاتينية:
... من أمتك من إخوتك ...
البشيطا السريانية:
... من وسطك من إخوتك ...
تلخيص الشواهد النصية:
1- من وسطك من إخوتك وما يشهد له:
النص الماسوري، الترجوم، الفولجاتا، البشيطا.
2- من وسط إخوتك وما يشهد له:
السبعينية، والسامرية.
النص الماسوري شاهد نصي مستقل بذاته.
من الأساسيات التي لابد أن يدركها ويعيها الناقد جيداً؛ فيفرق بين الشواهد المستقلة والشواهد غير المستقلة.
أما الترجوم والفولجاتا والبشيطا فهم غير مستقلين ولا يعتد بهم في حال موافقتهم للنص الماسوري لأنهم معتمدين على النص ما قبل الماسوري الذي أعتمد في نهاية القرن الأول وبداية القرن الثاني الميلادي.
ينقل برُتزمان عن جونس روبرتس:
الترجمة:
يذكر روبرتس أن الترجومات في العادة لا تساعد على اكتشاف فساد نص في العهد القديم إلا إذا وافقت قراءات النسخ الأخرى.
وفي ذلك يقول بول كايل ماك كارتر:
الترجمة:
"يستطيع الناقد أن يبدأ عمله عندما يملك هذه النسخ: (1) BHS ونسخ نقدية لما يلي (2) السبعينية (3) البشيطا (4) الترجوم (5) الفولجاتا، وإن كان يدرس نصاً من التوراة فسيحتاج (6) التوراة السامرية، وسيستطيع الناقد من خلال هذه النسخ أن يعرف القراءة المختلفة للشواهد النصية.
العناصر 1، 2 وعند الحاجة 3 بوضوح هم الأكثر أهمية، لأن نص البشيطا والترجوم عادة ما يكون قريباً من النص الماسوري، وكذلك الفولجاتا نادراً ما يعطي شهادة مستقلة".
ويقصد من ذلك الكلام أن يقول أن النص الماسوري والسامري والسبعيني هم الأكثر أهمية والمقدمين؛ والباقي ليس له نفس القيمة لأنهم عادة ما يكونون قريبين من النص الماسوري.
ويقول في موضع آخر من نفس الكتاب:
الترجمة:
"القاعدة العامة التي تطبق هنا: عندما يكون الشاهد ب معروفاً باعتماده على الشاهد أ فإن قيمة الشاهد ب لا تحسب عندما يتفق مع الشاهد أ. وكذلك يلزم من ذلك: عندما يختلف الشاهد ب مع الشاهد أ فإنها من الممكن أن تعطي قراءة مستقلة وموثوق بها، والتي يجب أن تعتبر أصلية قدر الإمكان.
... البشيطا والترجوم عادة ما يتفقان مع النص الماسوري؛ ولهذا يكونان غاية في النفع للناقد عندما يختلفا عنه...".
ويتحدث إرنست عن الترجوم فيقول:
الترجمة:
"هذا الاتجاه في نص الترجومات، أي الاتجاه الذي يتجاهل غالباً معنى النص العبري، يقلل قيمته كشاهد نصي، ويجعلها مهمة لتاريخ تفسير العهد القديم".
ويذكر إيمانويل توف كلاماً مهماً جداً عن الترجومات فيقول:
الترجمة:
النص العبري المنعكس من خلال كل الترجومات قريب جداً من النص الماسوري ما عدا ترجوم أيوب المكتشف في قمران، ...
ويقول الدكتور القس صموئيل يوسف عن البشيطا السريانية موضحاً علاقتها بالنص العبري:
ويقول عن الفولجاتا اللاتينية:
كل هذا الكلام الماضي يوضح أن الترجوم والبشيطا والفولجاتا اعتمدوا على النص العبري الذي أصبح فيما بعد هو النص الماسوري؛ فكونهم يوافقون النص الماسوري فهذا أمر طبيعي ولا حجة قوية يعطونها في النقد النصي كما نقلنا من قبل.
ويلخص تالمون العلاقة بين الشواهد النصية المختلفة في هذا المخطط الرائع:
في هذا الرسم بوضوح يشير تالمون إلى أن البشيطا وترجوم أونقيلوس والفولجاتا اعتمدوا على النص ما قبل الماسوري.
نخلص من كل هذا إلى إسقاط شهادة الترجوم والفولجاتا والبشيطا في حال موافقتهم للنص الماسوري كما في نص تثنية 18: 15 محل البحث.
يبقى عندنا ثلاثة شواهد نصية رئيسية؛ ألا وهي: النص الماسوري ويقول من وسطك من إخوتك، التوراة السامرية وتقول من وسط إخوتك، الترجمة السبعينية وتشهد بقوة لقراءة من وسط إخوتك كذلك؛ أي إنهما اجتمعتا ضد النص الماسوري وهو دليل قوي على ترجيح قراءة من وسط إخوتك، ودليل قوي على تحريف النص العبري الماسوري!
وبهذا تكون قراءة من وسط إخوتك هي الصحيحة والأخرى محرفة ويسقط اعتراض المعترضين والمحتجين بقراءة من وسطك من إخوتك.
وبهذا يرتاح ضميري !!
المراجع:
المدخل إلى العهد القديم، دكتور صموئيل يوسف.
The Text of the Old Testament, Ernst.
Textual Criticism of the Hebrew Bible, Emanuel Tov.
Recovering the Text of the Hebrew Bible, Mccarter.
Lancelot Charles Lee Brenton, The Septuagint Version of the Old Testament: English Translation.
Brotzman, E. R. Old Testament textual criticism : A practical introduction.
[1] Lancelot Charles Lee Brenton, The Septuagint Version of the Old Testament: English Translation (London: Samuel Bagster and Sons, 1870). Dt 18:15.
[2]Brotzman, E. R. (1994). Old Testament textual criticism : A practical introduction. Grand Rapids, Mich.: Baker Books.
بسم الله الرحمن الرحيم
ردحذفالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
موضوع اكاديمي يا احمد
يدرس بصراحة
احسنت يا مولانا
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
حذفبارك الله فيك يا طيب.
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته،
ردحذفبحث قيم و ماتع.
عرض علمي للمادة العلمية و تسلسل منطقي و منهج استقرائي محكم يتميز به هذا البحث.
حقيقة أنا بقدر فرحي أن من المسلمين من يؤصل التأصيلات العلمية لإثبات حقيقة أولى بالنصارى إثباتها و التجرد من الهوى و العاطفةـ بقدر حزني على النصارى الذين يجادلون دون بينة و لا يعلمون أبسط أساسيات الاستدلال العلمي و الإستقراء المنهجي لإثبات ما يعتقدونه.
أسأل الله أن يهدي أحباءنا النصارى من الذين لا يثنيهم دين الآباء و الأجداد أن يبحثوا عن الحق و هم يعرفون يقينا أن الحق يحررهم ("تعرفون الحق والحق يحرركم" إنجيل يوحنا 8: 32) و يفتشون في الكتب لأنهم يعلمون يقينا أن لهم فيها الحياة الأبدية إن شاء الله (فتشوا الكتب لانكم تظنون ان لكم فيها حياة ابدية.وهي التي تشهد لي. (انجيل يوحنا 5: 39).
أحسنت الشرح و التفصيل و التعليل شيخ أحمد، بارك الله فيك.
بارك الله فيك أخي الحبيب.
حذفهدفنا هو تعليم النصارى والمسلمين إن شاء الله.