لم يخطأ كلزوس حين ذكر القواعد التي وضعها النصارى؛ ونقلها عنه أوريجانوس (ضد
كلزوس3: 43) وهي: ((هذه هي القواعد التي وضعوها: لا تتركوا شخصا
متعلماً، أو حكيماً، أو عقلانياً يقترب منا، لأن هذه القدرات حسب اعتقادنا هي
قدرات شريرة. أما الجاهل، أو الغبي، أو غير المتعلم، أو الأشخاص الحمقى، فلتتركوهم
يأتوا بجسارة)).
فالكنيسة منذ بدايتها مقرة أنها لا تفضل العقلاء؛ وأنه لا خلاص إلا حينما تغمض عينيك وتتبع يسوع ثم تفهم بعد الإيمان؛ وآمنت الكنيسة منذ البدء أن دينها لن يفهمه أحد إلا بعد أن يؤمن ويرشده الروح القدس.
وكراهية العلم هي عقيدة كتابية منثورة في نصوص كثيرة من الكتاب المقدس بعهديه؛ منها ما جاء في سفر الجامعة 1: 18:
لأن في كثرة العلم كثرة الغم، والذي يزيد علماً يزيد حزناً!!
ولقد تجذرت هذه العقيدة في المفهوم المسيحي في القرون الأولى حتى إن مدرسة الإسكندرية اللاهوتية اتخذت من هذا المعنى شعاراً لها؛ فإنك إن طالعت مجلة "مدرسة الإسكندرية" وهي كما تصف نفسها: "مجلة مسيحية أكاديمية تصدر ثلاث مرات سنوياً عن كنيسة مارجرجس سبورتنج؛ وصورة غلافها:
وبعد عدة صفحات تجد الشعار القديم للمدرسة ومدون عليه أحد نصوص العهد القديم التي تركز على أن الفهم لا يسبق الإيمان أبداً؛ وهي دعوة باطلة؛ فكيف تؤمن بشيء قبل أن تفهمه؟!
شعارها: "إن لم تؤمنوا فلن تفهموا"؛ وأتخيل أن هذه الكنيسة لو أرادت أن تضع اليوم شعاراً على مدرسة سيكون: "إن لم تنجحوا فلن تذاكروا"!!