الثلاثاء، 16 يونيو 2020

تاريخ الإنتقال النصي للعهد القديم | ج 3

بسم الله الرحمن الرحيم

سلسله جديده بعنوان " تاريخ الإنتقال النصي للعهد القديم " نتحدث فيها بطريقه موجزه عن تاريخ إنتقال العهد القديم كعمل نصي عبر القرون ومراحل كتابته وتدوينه وضبطه

نستكمل في هذه الحلقه ان شاء الله التطور التاريخي لنص العهد القديم بعد  المرحله الاولي التي عرضناها في الحلقه الاولي هنا والثانيه هنا

المرحلة الثالثة 135 م : 1000 ميلادياً


في نهاية فترة 123 م كان هناك نشاط لدائرة الكتبة والنساخ اليهود لتحديد 
نص واحد موحد من بين عدة الانواع من النصوص الموجودة وقتها

تتوافق الفترة 135م : 500 ميلاديا تقريبا مع ما يسمي بعصر التلمود، والتي من المعتقد فيه ان تقسيم النص الي فقرات تم خلال هذه الفترة
وكان هناك خلاف بين المدرسة البابلية والفلسطينية في تعيين عدد فقرات العهد القديم، على النقيض من ذلك فإن تقسيم العهد القديم لأصحاحات لم يكن من نتاج عمل يهودي بل من جهود النصاري وتم ادخاله في المخطوطات العبرية في وقت الرابي سليمان بن اسماعيل ( 1330 ميلاديا )

وتم في هذه الفترة وضع تقسيم للمقاطع كمفتوحة ومغلقة مع كل الأسفار 
بإستثناء سفر المزامير فقط
فكان النوع الأول وهو النوع المفتوح يبدأ بكتابة سطر جديد بعد السطر
 المنتهي بكتابته مع ترك مسافة سطر بينهما فارغ وهو أشبه بطريقة ترك
سطر بين كل سطر وسطر
بينما كانت تبدأ المقاطع المغلقة في نفس السطر بعد فراغ صغير من المقطع
 الأول 

هناك اختلاف كبير بين التقاليد النصية المختلفة الموجودة في قمران والبحر
الميت في الفترة التي يرجع تاريخها للقرن الثالث : القرن الاول ميلاديا
ويبلغ الحد الادني في النصوص العبرية الموجودة في مكتشفات متسادا وناحال خفير ووادي المربعات

ومن غير المعلوم كيفية ظهور النص الموحد وقتها، الا ان التقليد يحكي لنا انه في خلال فترة القرن الاول الميلادي كانت هناك حركة كبيرة لانشاء نص رسمي موحد بين اليهود، وكان هذا النص يعتمد على تقاليد اقدم سابقة كانت متاحة للنساخ والكتبة اليهود في هذا الوقت، ولكن الاختلافات والفروق في النص تم محوها وازالتها

ويبدو انه غير واحد الي حد ما سواء ان تم اعتماد النص كنص قياسي عمداً، او تم تنقيته او انه واحد فقط من التقاليد النصية وتم الحفاظ عليها

يقول paul Wegner عن الكيفية الذي ظهر بواسطتها نص العهد القديم كنص قياسي standard text :

Whatever the case, it is plausible that some variant readings may have been lost or virtually eliminated in the process
 [1]

الترجمة : وعلي اي حال، فان بعض القراءات المختلفة قد فُقدت، او تم التخلص منها في هذه المرحلة 

وقد ظهرت في الفترة 100 : 300 ميلادياً طائفة تسمي التناييم תנאים او المعلمين وهم الذين بدأوا في كتابة التقليد الخاص بهم قبل فترة قصيرة من العصر المسيحي.

وفي بعض الاوقات في خلال العصر التلمودي ( 100 ق م : 400 م ) تم وضع بعض الضوابط للحفاظ على كتابة نص العهد القديم :

1-    صناعة الرقوق من الحيوانات الطاهرة ويتم ربط هذه الرقوق بينها وبين بعضها بواسطة خيوط مستخرجة من حيوانات طاهرة أيضاً
2-    كل عمود من الكتابة يجب ان لا يحتوي على اقل من 48 سطر ولا يزيد عن 60 سطر، والسطر به حيز لثلاثين حرف فقط .
3-    كانت تسطر الصفحة اولا ثم يتم الكتابة بعدها
4-    حبر الكتابة المستخدم يكون أسود اللون
5-    ان لا يكتب حرف او كلمة من الذاكرة
6-    ان يُوضع مسافة شعرة بين كل حرف وحرف ومسافة صغيرة بين كل كلمة وكلمة
7-    يجب ان يتوفر شرط الطهارة في الناسخ وان يرتدي الملابس الدينية اليهودية قبل الكتابة
8-    حينما يكتب لفظ الجلالة يجب ان يكتب بقلم جديد ولا يلتفت لاي شخص حتي ولو كان ملك اثناء كتابة هذه الاسماء المقدسة



وظهرت طائفة أخرى من النساخ في المرحلة ما بين 200 : 500 م تسمي أموريم אמוֹראים أو المفسرين، وخلال هذه الفترة بدأ تكوين التلمود وتواجدت هذه الطائفة في فلسطين وفي بابل ولعل هذا هذا السبب في ظهور التلمود البابلي والتلمود الاورشليمي.

وفي نهاية القرن الخامس من الميلاد ظهرت طائفة جديدة على السطح في تاريخ الإنتقال النصي للعهد القديم والتي تعرف بالطائفة الماسورية وهي صاحبه الفضل واليد العليا في وجود نص موحد للعهد القديم ووجود ايضا نص العهد القديم الموجود بين أيدينا الآن.

وكانت ابرز بصماتهم على نص العهد القديم تتمثل في الآتي :

-         قراءات الكتيف כתיבKethivوالقيري Qereקרי
اي المقروء والمكتوب، فالمقروء هو ما يسمي بالقيري والمكتوب هو الكتيفوتكرر هذا النوع من النشاط النصي في متن نص العهد القديم حوالي من 848 : 1566 مرة على حسب المخطوطة .

ومدلول هذا النشاط هو وجود كلمة في نص المخطوطة تكتب تحت رسم معين وهذا الذي يقصد به كتيف، فتعبر عن رسمها وما هو موجود في المخطوطة وهي يرمز لها بدائرة صغيرة فوق الكلمة، ولكن حينما يمر عليها القاريء فلا يقرأها برسمها وإنما يتم إستخدام كلها اخرى بديلة وهو ما يسمي بالمقروء أو قيري والذي يرمز له بحرف القاف في العبرية ק .

والقراءة الهامشية قيري هي القراءة الصحيحة أو القراءة الأصلية، وعادة ما لجأ نساخ العهد القديم للإستخدام أسلوب الكتيف والقيري لتناسب طبيعة ذكر الإسماء المقدسة وهو ما يتبعه اليهود في عدم قول لفظ الجلالة، أو لتخفيف وطأة بعض التعبيرات غير المهذبة او التي تحمل بعض العدوانية :

Others signal a preferred reading for sacred names or indelicate or otherwise offensive words
[2]

الترجمة : ودلالة أخرى لإستخدام الكتيف والقيري هو الإستخدام للتعامل مع الفاظ الجلالة او او التعويض عن ألفاظ غير محتشمة أو عدوانية.

والأمثله في هذا أكثر من أن تذكر، ومنها ما جاء في اشعياء 13 : 16
וְעֹלְלֵיהֶם יְרֻטְּשׁוּ, לְעֵינֵיהֶם; יִשַּׁסּוּ, בָּתֵּיהֶם, וּנְשֵׁיהֶם, תשגלנה

والتي بحسب ترجمة الفانديك :
وتحطم اطفالهم امامعيونهم وتنهب بيوتهم وتفضح نسائهم

فقراءة تفضح תשגלנהهي قراءة كتيف المكتوب، والقيري التي تقرأ هي قراءة תִּשָּׁכַבְנָהوهي الكلمة التي تعني وتغتصب، وهي القراءة الصحيحة وعليها تصبح قراءة الفقرة :

وتحطم أطفالهم أمام عيونهم وتنهب بيوتهم وتغتصب نسائهم

وهنا رآي الناسخ استبدال هذا التعبير المسيء بتعبير آخر مخفف كما يقول بروتزمان :

an expression evidently viewed as less offensive than the Kethiv and thus substituted for it
[3]

الترجمة : وواضح انه تعبير أقل اساءة وعدوانية من التعبير المكتوب – كتيف – ولذلك تم استبداله.



-         العلامات الخمسة عشر الإستثانئية The fifteen Extraordinary points
او ما يسمى بالنقاط الخاصة أو punctaextraordinaria وهي علامة تكررت خمسة عشر مرة في العهد القديم في :


تكوبن 16 :15 , 18 : 9 , 19 : 33 , 33 : 4 , 37 : 12 , عدد 3 : 39 , 9 : 10 , 21 : 30 , 29 : 15 , تثنية 29 : 28 , صموئيل الثاني 19 : 20 , اشعياء 44 : 9 , حزقيال 41 : 20 , 46 : 22 , مز 27 : 13 .

وكما يقول عنها Ernst Würthweinفي كتابه نص العهد القديم :

These points register textual  or doctrinal reservations on the part of scribes (sopherim) who dared not alter the text they held sacrosanct 
[4]

الترجمه : وهذه العلامات تسجل ملاحظات نصية او عقائدية من خلال بعض النساخ الذين لم يستطيعوا تغيير النص.

وكذلك يشير إليها فيجنر بقوله :

to indicate reservations (either textual or doctrinal) about the reading
[5]


الترجمة : تستخدم كإشارة الي تحفظات عقائدية او نصية – شكوك حول صحتها - حول القراءة .

كانت هذه اهم الظواهر الكتابيه واخر التطورات النصيه القديمه التي طرات علي العهد القديم كنص كتابي مقنن

والله غالب علي امره ولكن اكثر الناس لا يعلمون

tarek.ahmed.ezzeldin@gmail.com
_____________________________________________

[1]
Wegner, P. D. (2006). A student's guide to textual criticism of the Bible : Its history, methods & results (73). Downers Grove, Ill.: InterVarsity Press

[2]
Myers, A. C. (1987). The Eerdmans Bible dictionary.Rev., augm.translation of: Bijbelseencyclopedie. Rev. ed. 1975. (621). Grand Rapids, Mich.: Eerdmans

[3]
Brotzman, E. R. (1994). Old Testament textual criticism : A practical introduction (120). Grand Rapids, Mich.: Baker Books.

[4]
Würthwein, Ernst. The text of the Old Testament: an introduction to the BibliaHebraica. Grand Rapids: Eerdmans, 1979. Print.

[5]
  Wegner, P. D. (2006). A student's guide to textual criticism of the Bible : Its history, methods & results (75). Downers Grove, Ill.: InterVarsity Press.

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق