كان ينبغي أن توضح مقصدك بالاختلافات في النص!
إذا كنت تقصد التناقضات واختلافات النص الواحد فهي بلا شك تعني أن هذا النص لا يمكن أن يكون مقدساً فالمقدس لا يتناقض ولا يخطئ، يقول تعالى:
(النساء)(o 82 o)(أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا)
اقرأ مثلاً:
(الفانديك)(أخبار الأيام الثانية)(Chr2-22-2)(كان اخزيا ابن اثنتين واربعين سنة حين ملك وملك سنة واحدة في اورشليم واسم امه عثليا بنت عمري.)
(الفانديك)(الملوك الثاني)(Kgs2-8-26)(كان اخزيا ابن اثنتين وعشرين سنة حين ملك وملك سنة واحدة في اورشليم.واسم امه عثليا بنت عمري ملك اسرائيل.)
42 أم 22 !
لا يمكن أن هذا الكتاب الذي يحوي هذه النصوص كلام الله، لأن كلام الله لا يتناقض!
والاختلافات نصوص هذا الكتاب "المقدس" لا يمكن أن تحصى!
أما إذا كنت تقصد الاختلافات بين نسخ ومخطوطات هذا النص:
إذا حالت هذه الاختلافات دون معرفة النص الأصلي فهي بلا شك تعني طعناً في النص، فالنتيجة النهائية أننا لا نعرف أين كلام الله!
سأتحدث عن نص العهد القديم، نحن لا نعرف ما الذي كتبه موسى، ولا نعرف ما الذي كتبه غيره من كتاب الوحي، ليس بسبب اختلاف المخطوطات والشواهد النصية فحسب، بل لأن هذه المخطوطات تبعد فترة طويلة جداً جداً عن النص الأصلي.
يقرر دوجلاس ستيوارت حقيقة اختلاف المخطوطات اختلافاً كبيراً، إذ يقول: ((لا يوجد إصحاح واحد في الكتاب المقدس تتطابق كلماته في كل المخطوطات القديمة)) Douglas Stuart, “Inerrancy and Textual Criticism,” in Inerrancy and Common Sense, ed. Roger R. Nicole and J. Ramsey Michaels, P. 98.
أقدم مخطوطات الكتاب المقدس ترجع للقرن الثالث قبل الميلاد وهي قصاصة من سفر صموئيل في قمران، فالفارق الزمني كبير جداً، لذلك لا نجد أحداً من الباحثين المتخصصين في النقد النصي الآن، يضع من أهداف النقد النصي الوصول للنص الأصلي، هذا الكلام انتهى ولا يقول به أحد الآن، وأكثر الباحثين الآن يقررون أن النص قد مر بمراحل تنقيح وتحرير،
لذلك يهدفون للوصول إلى آخر صيغة للنص أو بتعبير آخر إلى كلمات المحرر الأخير!
ارجع إلى:
Waltke, “Old Testament Textual Criticism,” p. 175.
ونقرأ لبول ويجنر في كتابه A student's guide to textual criticism of the Bible صفحة 29 تحت عنوان هدف النقد النصي للعهد القديم:
لقد كان يُعتقد أنه بالإمكان استرجاع الكلمات الأصلية للكاتب الموحى له واستعادة النص الأصلي للكتاب المقدس، لكن أغلب الباحثين اليوم يدركون أنه من المستحيل أن نعرف كيف تكون أي سفر من أسفار العهد القديم، والتي خضعت كلها لتحريفات لاحقة!
على كل حال لا يمكن أن نصل لنص أقدم من القرن الثالث قبل الميلاد!
فالطعن في الكتاب له أوجه كثيرة منها اختلافات المخطوطات بصورة تحول دون معرفة النص الأصلي، خاصة أن نقل هذا الكتاب يعتمد أساساً على الكتابة، مما يعطي ميزة للقرآن الذي انتقل حفظاً، سلمه جيل لجيل، نعرف أسماء أفراد هذه الأجيال!
ولو أننا أحرقنا مخطوطات القرآن في القرون الأولى لاستطعنا أن نسترجع نصه بسهولة، ذلك لكثرة من يحفظ نصه بلا أي تلعثم، لكننا لو قمنا بنفس الفعل مع مخطوطات الكتاب المقدس في القرون الأولى وأحرقناها كلها، وهي في ذلك الوقت لم تكن كثيرة ولم تكن منتشرة، لما أمكننا استرجاع هذا النص، لأنه نص يعتمد على الكتابة، بخلاف القرآن الذي قال عنه ربنا:
(العنكبوت)(o 49 o)(بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ)